الأسس النبوية في التربية والتعليم (4): التيسير وعدم التعسير
بقلم الدكتور/ سليم عبد الله
من المبادئ الأساسية التي لا غنى عنها في المنهج النبوي في مسألة التربية والتعليم هو مبدأ “يسِّرُوا ولا تُعَسِّرُوا”. فقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم بصور عدَّة على ضرورة اتخاذ هذا المعيار أساسًا في التربية والتعليم، وأمر بذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: “يسِّرُوا ولا تُعَسِّرُوا“1. حيث إنه صلى الله عليه وسلم قد جمع بين الضدين في حديثه هذا، الذي يلخص فلسفة التربية والتعليم لديه، ليضمن فهم هذه المبادئ جيدًا، وإدراك أهميتها؛ لأن الأشياء تُعرف وتُفهم جيدًا بأضدادها. فلو كان الأمر بلفظ “يسِّروا” فقط، لتوهَّم من يأتي بالتيسير من حين لآخر ثم يتركه بعد ذلك بأنه متبع لهذا المبدأ. ومن ثم فإن الجمع بين التيسير ونفي ضده التعسير يؤكد على ضرورة اتخاذ التيسير أساسًا في جميع الأحوال.
والواقع أن عقل الإنسان ونفسه تميلان في الأصل إلى التيسير وليس التعسير. فتأبى النفس أن تتحمل المسؤوليات العظام، ودائمًا ما تختلق الأعذار للتنصل والتهرب منها. تقول أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها: “ما خُيِّرَ رَسولُ اللهِ ﷺ بيْنَ أمْرَيْنِ، إلّا أخَذَ أيْسَرَهُما، ما لَمْ يَكُنْ إثْمًا، فإنْ كانَ إثْمًا، كانَ أبْعَدَ النّاسِ منه”2، مؤكدة على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد اتخذ هذا المبدأ منهجًا أساسًا يتبعه ويمارسه في كل مناحي حياته.
وكما جعل النبي صلى الله عليه وسلم هذا المبدأ دستورًا راسخًا في منهجه التربوي والتعليمي، فإنه قد أوصى أصحابه رضوان الله عليهم أن يلتزموا هذا المنهج أيضًا في كل حركاتهم وسكناتهم. ومن أبرز الأمثلة التي تعبر عن هذه الحقيقة، هي هذه الواقعة التي حدثت في المسجد النبوي:
دخل أعرابي مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى ركعتين، ثم قال: “اللهم ارحمني ومحمدًا، ولا ترحم معنا أحدًا”، فقال له صلى الله عليه وسلم: “لقد تحجَّرتَ واسعًا“. ثم قام الأعرابي فأخذ يبول في زاوية من زوايا المسجد، فقام الصحابة نحوه يزجروه ويمنعوه. فقال لهم صلى الله عليه وسلم: “دَعوهُ”، فلما قضى الرجل حاجته، قال لهم صلى الله عليه وسلم: “أهْريقوا على بَولِهِ دَلوًا مِن ماءٍ فإنّما بُعِثتُم مُيسِّرينَ، ولم تُبعَثوا مُعَسِّرينَ“. ثم دعا الأعرابي، وقال له بأسلوب ليِّن وهادئ: “إنّ هذه المساجدَ، لا تصلُحُ لشيءٍ من القذَرِ والبولِ والخلاءِ، إنما هي لقراءةِ القرآنِ، وذِكرِ اللهِ، والصلاةِ”3.
فمن خلال هذا الموقف، يذكَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بالمنهج التربوي “التيسير”، ويخبرهم بأنه من الواجب عليهم ترسيخ هذا المبدأ والعمل به، وهو بذلك يعلِّم الصحابة وهم معلمو الأمة ومرشدوها مبدأ التيسير ليكونوا قدوة لغيرهم. وعلاوة على ذلك، نراه صلى الله عليه وسلم يذكِّر أصحابه الكرام بهذا المنهج النبوي عندما يبعثهم معلمين ومسؤولين وإداريين في بقاع مختلفة. فقد رُوي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث أحدًا من أصحابه في بعض أمره، قال: “بَشِّرُوا ولا تُنَفِّرُوا، ويَسِّرُوا ولا تُعَسِّرُوا“4.
وقد وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض الأسس التي تعين الإنسان على تطبيق مبدأ “يسروا ولا تعسروا”، وذلك على النحو الآتي:
كبح جماح الغضب
كبح جماح الغضب والانفعال؛ من المبادئ الأساسية التي يجب مراعاتها من أجل تفعيل منهج التيسير في التربية والتعليم. فإن الغضب ينفِّر المخاطب من التربية والتعليم، ويبعده عن المعلم والمرشد. فليست هناك ثمة فائدة تُذكر للغضب في التربية5. لذلك يقول صلى الله عليه وسلم: “علِّموا ويسِّروا ولا تُعسِّروا”، ثم يكرر مرتين: “وإذا غَضِبتَ فاسكُت وإذا غضِبتَ فاسكُت وإذا غضِبتَ فاسكُت”6، ملفتا بذلك النظر إلى أهمية هذا المبدأ.
فإن الاقتراب من المخاطب بشعور ملؤه الغضب والعنف، يُقصي المخاطب ويجعل مسألة التربية والتعليم أكثر تعقيدًا وصعوبة. وعلى النقيض من ذلك، فإن الاقتراب من المخاطب بشعور ملؤه الحِلم والرفق واللين ييسر مسألة التربية والتعليم ويرغِّبه فيها. يقول صلى الله عليه وسلم: “مَنْ يُحْرَمِ الرِّفْقَ، يُحْرَمِ الْخَيْرَ“7. وكما أن الرفق واللين هما رأس كل خير، فإن الرفق واللين أيضًا هما من الأسس الرئيسة في التربية والتعليم. لذلك يؤكد النبي صلى الله عليه وسلم على هذا المبدأ في حديث آخر بقوله: “إِن الله رَفِيق يحب الرِّفْق وَيُعْطِي على الرِّفْق مَا لَا يُعْطي على العنف وَمَا لَا يُعْطي على سواهُ، وَإِذا أحب الله عبدا أعطَاهُ الرِّفْق مَا من أهل بَيت يحرمُونَ الرِّفْق إِلَّا حرمُوا“8، ليؤكد على أن كبح جماح الغضب والتعامل برفق وشفقة هو أمر مسلَّم به ولا غنى ولا بديل له في مسألة التربية والتعليم.
مراعاة التدرُّج
التدرّج؛ هو إحدى الركائز الأساسية للتيسير في التربية والتعليم. وهو تعويد الإنسان على شيء ما مرحلة بمرحلة، وإحرازه تقدم فيه خطوة بخطوة، وقطعه مسافة منه تدريجيًّا. والعقل البشري محدود كما هو الحال في بقية القدرات، لذلك لا يمكنه إدراك كل شيء واستيعابه. وقد يسَّر النبي صلى الله عليه وسلم مسألة تعلّم الدين باتباعه منهج التدرّج في تربية وتعليم أصحابه رضوان الله عليهم. يقول سيدنا جندب بن عبد الله رضي الله عنه: “كنّا معَ النَّبيِّ ﷺ ونحنُ فتيانٌ حزاورةٌ فتعلَّمنا الإيمانَ قبلَ أن نتعلَّمَ القرآنَ ثمَّ تعلَّمنا القرآنَ فازددنا بِه إيمانًا”9، مشيرًا بقوله هذا إلى المنهج الذي اتبعه صلى الله عليه وسلم في هذا الصدد.
مراعاة مستوى المخاطب
ومن ضرورات منهج “يسروا ولا تعسروا” في التربية والتعليم، مراعاة المستويات الاجتماعية والنفسية والبدنية للمخاطب إلى جانب مستوياته العقلية والإدراكية والمحاكمة العقلية. لأن مراعاة التفاوت بين الناس هو واقع لا يمكن تجاهله، ولا سيما في مجال التربية والتعليم. يقول صلى الله عليه وسلم: “إنَّا معاشرَ الأنبياءِ أُمِرْنا أنْ نُكلمَ الناسَ على قدرِ عقولِهمْ“10 ملتزمًا صلى الله عليه وسلم بهذا المنهج في جميع معاملاته.
وكنتيجة طبيعية لهذا، فقد ضبط صلى الله عليه وسلم أسلوبه ليشمل الجميع، بينما في أحاديثه الخاصة فكان يخاطب الطفل بالأسلوب الذي يفهمه ويستوعبه الطفل، والشاب بما يناسبه والشيخ بما يناسبه أيضًا. فيقول صلى الله عليه وسلم: “أَنْزِلُوا الناسَ مَنازِلَهُمْ“11. فيؤكد على وجه الخصوص ضرورة عدم إهمال الاختلافات ومستويات الفهم بين المخاطبين في الإرشاد والتبليغ والتربية والتعليم. تقول السيدة عائشة رضي الله عنها: “كان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا أمر الناس بعمل أمرهم بما يطيقون فعله من الأعمال”12. فيراعي دائما الاستعدادات والقدرات الذهنية لمخاطبيه، وما يتمتعون به من طاقة وقوة بدنية، ولا يصعِّب عليهم الأمر ألبتة.
اختيار الوقت المناسب
ومن المبادئ الأساسية التي تؤدي إلى التيسير في التربية والتعليم، هو اختار الوقت الأنسب لإلقاء الدرس أو الموعظة. فلن تكون هناك ثمة فائدة تُذكر للتربية والتعليم في الوقت الذي يشعر فيه المخاطب بالتعب والسأم والحاجة إلى الراحة أو تكون أذهانهم مشغولة ومشتتة. لذلك يقول عبد الله بن مسعود وهو من أقرب التلامذة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: “كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَوَّلُنَا بِالمَوْعِظَةِ فِي الأَيَّامِ مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا”13، ملفتا بذلك النظر إلى حساسيته صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر خاصة. كما أنه صلى الله عليه وسلم كان يؤجل الإجابة على بعض الأسئلة المطروحة عليه، فيستدعي السائل ويجيبه عنها في وقت لاحق. فكان يستخدم هذه الطريقة حتى يتسنى للمخاطب التخلص من التشتت الذهني ويستجمع تركيزه ويفهم ما سيقوله صلى الله عليه وسلم جيدًا.
التحدث بتأن وبشكل مفهوم
ومن وسائل التيسير في التربية والتعليم أيضًا، التحدث بتأن وبوضوح وبشكل مفهوم. أمَّا إذا كان المعلم أو المرشد لا يتكلم بوضوح وتأن، فإن المخاطب لن يفهم قصده ولا مراده، فتحول مشكلة كهذه دون تواصل المعلم مع مخاطبيه. تقول أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها: “كَانَ كَلَامُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلَامًا فَصْلًا يَفْهَمُهُ كُلُّ مَنْ سَمِعَهُ” 14، فتخبرنا رضي الله عنها عن صفته صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن، وتعلمنا الاقتداء به في هذا الأمر. وتقول رضي الله عنها في حديث آخر: “إن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يحدث حديثا لو عده العاد لأحصاه”15. فإن لم يتحقق هذا فإن الرسالة المطلوب توصيلها للسامعين لن تكون واضحة، وربما تتسبب في سوء فهم خطير.
التكرار إذا لزم الأمر
ومن الآليات التي تيسِّر أيضًا مسألة التربية والتعليم، هو التكرار وفقًا لمدى صعوبة المسألة وأهميتها. فإن التكرار الذي يقوم به المعلم والمرشد سيسهل من التعليم، وسيجعل المعلومة ثابتة وراسخة في الذهن. لذلك نجده صلى الله عليه وسلم يكرر قوله، كلمة كانت أو عبارة، ثلاث مرات حتى يُفهم جيدًا. فقد روي أنه صلى الله عليه وسلم: “كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا، حتى تفهم عنه”16.
الاستفادة من الأشكال والمخطوطات
ومن الأمور التي تيسِّر أيضًا التربية والتعليم، وتضمن استقرار المعلومة في الأذهان، هو الاستفادة من المخطوطات والأشكال في أثناء الحديث. فكان صلى الله عليه وسلم يهتم بهذه المسألة، ويخط بيده بعض الخطوط الخاصة بالموضوع في أثناء حديثه. يقول أحد الصحابة رضوان الله عليهم: خَطّ لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا، ثم قال: “هذا سبيل الله“، ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله، ثم قال: “هذه سُبُل“، أي خطوط متفرقة على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه، ثم قرأ صلى الله عليه وسلم: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾17.
الاستفادة من التشبيه
ومن الطرق أيضًا التي يمكن الاستفادة منها من أجل التيسير في التربية والتعليم، هي التشبيه. كان النبي صلى الله عليه وسلم يستخدم التشبيهات من حين لآخر في أثناء حديثه عن مسألة ما. فبينما يتحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رابطة الأخوة بين المؤمنين يقول: “مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى“18.
وبينما يتحدث صلى الله عليه وسلم أيضًا عن أهمية اختيار الصديق الصالح، واجتناب صديق السوء، يستخدم هذا التشبيه: “إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ، وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ، كَحَامِلِ الْمِسْكِ، وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ: إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ: إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً“19. لذا ينبغي على الآباء والمعلمين والمرشدين والمربين ألا يهملوا في استخدام التشبيهات المناسبة لتقريب المعلومة وتيسير فهمها وتحبيب المخاطب فيها.
التعليم التطبيقي والعملي
ومن الوسائل أيضا التي تساعد على تيسير التربية والتعليم، هو التطبيق العملي للمسالة التي يتم تناولها. ومن هذه الزاوية فإن التعليم التطبيقي يحتل مكانة مهمة في نقل المعرفة المكتسبة إلى الحياة، وتحويلها إلى سلوك فعلي. والحق أن منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم في التربية والتعليم يعتمد بوجه عام على هذا المبدأ. فقد عايش بنفسه صلى الله عليه وسلم الآيات النازلة عليه، ثم بلغها بعد ذلك، حتى إنه بلغهم بها بتطبيقه العملي لها. ومن هذا المنطلق فإن المنهج التعليمي لا يقتصر على الجانب النظري فحسب. فعندما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بصفة الصلاة بكل تفاصيلها، قال لهم: “صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي“20، ليعلمهم إياها بتطبيقه العملي لها.
الاستفادة من القياس والمقارنة
ومن الوسائل المتبعة أيضًا لتيسير التربية والتعليم، هو استخدام القياس والمقارنة. إن قياس مسألة جديدة على مسألة معلومة لدى الجميع يقرِّب المسألة للفهم وييسرها ويجعلها راسخة في الأذهان، مما يضمن فهم الموضوع جيدا واستيعابه. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستخدم هذا المعيار من وقت لآخر. فذات يوم جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: “يا رسولَ اللهِ إن أمِّي ماتت وعليها صومُ رمضانَ أفأصومُ عنها؟” فقال صلى الله عليه وسلم: “أرأيت لو كان عليها دَينٌ كنت تقضيه؟“، فقال الرجل: “نعم”، فقال صلى الله عليه وسلم: “فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ“21.
طرح الأسئلة
وثمة طريقة أخرى مهمة من أجل التيسير في مسالة التربية والتعليم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستخدمها من حين لآخر حين يحدث أصحابه في مسألة ما، هي طرح الأسئلة التي تثير فضولهم، وتكثف تركيزهم على ما هو على وشك قوله، مما يضمن فهم للمسألة بدقة ويسر. على سبيل المثال، كان النبي صلى الله عليه وسلم يخبر أصحابه عن الصلاة وفضلها في تطهير المرء من المعاصي والذنوب، فيقول صلى الله عليه وسلم: “أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟” قالوا: “لا يبقى من درنه شيء”، قال صلى الله عليه وسلم: “فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، يَمْحُو اللهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا“22.
النتيجة
الإسلام دين حنيف قائم على التيسير بداية من الاعتقاد إلى العبادة ومن المعاملات إلى منهجه التربوي. فيخبر الله تعالى في كتابه العزيز، أنه لم يشرع الدين مشقة على الناس23، وما جعل على الناس في الدين من حرج24. فالمبدأ الأساس الذي يضعه القرآن الكريم في هذا الصدد هو قوله تعالى: “يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ“25. ويقول صلى الله عليه وسلم: “إنّ الدِّينَ يُسْرٌ“26، فيصف بنفسه صلى الله عليه وسلم الدين باليسر والسهولة.
كما أنه صلى الله عليه وسلم يقول لبعض أصحابه الذين حاولوا أن يشددوا على أنفسهم في العبادة: “إنِّي بُعِثتُ بالحنيفيَّةِ السَّمحةِ“27. ومن ثم فإن مراعاة هذا المنهج المتأصل في البنية الأساسية للإسلام، وكذلك الأمر النبوي “يسِّرُوا ولا تُعَسِّرُوا“، والاستفادة بأكبر قدر من مفاهيم وتقنيات التربية والتعليم المعاصرة، هو سنَّة مهمة لتسهيل عملية التربية والتعليم.
Footnotes
- صحيح البخاري، العلم 11، الأدب 80، الجهاد 164.
- صحيح البخاري، المناقب، 23.
- صحيح البخاري، الوضوء، 58؛ سنن أبي داود، الطهارة، 138.
- صحيح مسلم، الجهاد، 6؛ سنن أبي داود، الأدب، 20.
- مسألة الانضباط والسلطة، هي موضوع مستقل ينبغي تناوله بانفراد خارج موضوع الغضب.
- البخاري، الأدب المفرد، ص 86 (245)؛ مسند أحمد، 1/239 (2136، 2556)؛ الهيثمي، الزوائد، 8/73.
- صحيح مسلم، البر، 75 (2592).
- المنذري، الترغيب والترهيب، 3/361.
- سنن بن ماجة، 9 (61)؛ البيهقي، السنن الكبرى، (5498).
- السخاوي، المقاصد الحسنة، ص 120؛ الزبيدي، اتحاف السادة، 2/65.
- سنن أبي داود، الأدب، 23؛ المناوي، فيض القدير، 3/75.
- مسند أحمد، 6/56.
- سنن الترمذي، الأدب، 72 (2855).
- سنن أبي داود، الأدب، 18.
- صحيح البخاري، المناقب، 23.
- صحيح البخاري، العلم، 30؛ سنن الترمذي، المناقب، 9.
- سورة الأنعام، 6/153؛ مسند أحمد، (4142، 4437)؛ البيهقي، السنن، (11174).
- صحيح مسلم، البر، 17 (2586)؛ صحيح البخاري، الأدب، 27 (6011).
- صحيح مسلم، البر، 146 (2627).
- صحيح البخاري، الأذان، 18.
- صحيح مسلم، الصيام، 27 (1148).
- صحيح البخاري، المواقيت، 6 (528)؛ صحيح مسلم، المساجد، 282 (667).
- سورة طه، 20/2.
- سورة الحج، 22/78.
- سورة البقرة، 2/185.
- صحيح البخاري، الإيمان، 29؛ سنن النسائي، الإيمان، 28.
- صحيح البخاري، الإيمان، 29، بداية الباب؛ مسند أحمد، 1/236؛ الهيثمي، الزوائد، 2/263؛ البخاري، الأدب المفرد، ص 78 (287).