الأسس النبوية في التربية والتعليم (3): التسامح
بقلم الدكتور/ سليم عبد الله
التسامح هو إحدى انعكاسات الحب والشفقة على التربية والمعاملات والعلاقات الإنسانية وعلى الحياة بشكل عام. وهو خلق كريم يحث على ستر العيوب والصفح عنها، والعمل على تقويمها بالرفق واللين، والتعامل بتوازن واعتدال مع أصحاب المعتقدات والرؤى المختلفة، وليس تحقير المرء، وإذلال الإنسان ولومه على أخطائه. والتسامح هو جوهر الأخلاق العظيمة للنبي -ﷺ- ولُبّها، وهو سنًّة نبوية لا غنى عنها في التربية والتعليم، وفي إقامة العلاقات السليمة وتعزيزها داخل المجتمع الذي يعيش فيه الإنسان. كما أنه آلية مهمة لإيجاد الحلول البناءة والدائمة للمشكلات التي تنشأ في المنزل أو المؤسسات التعليمية أو الحياة الاجتماعية. فإن لم يتحقق ذلك؛ حلَّ التعصب والعنف محل التسامح، الأمر الذي يقضي على جوِّ الحب والاحترام والشفقة والثقة والأمان والسلام الذي يحتاج إليه الإنسان أكثر من غيره.
وقد ضرب النبي -ﷺ- أروع الأمثلة في التسامح الذي هو إحدى قيم الإسلام الأساسية. ففي الوقت الذي انغلق فيه الجميع على العداوة والعنف من أجل فرض وجهة نظرهم على الآخرين، وشاع فيه الظلم من أجل طمس الفروق والاختلافات بين بعضهم بعضًا، نجده -ﷺ- يتبنى مفهوم التسامح الذي يحض عليه الدين الإسلامي الذي يقوم على الحب والرحمة والسلام، ويجعله مبدأ أساسًا سواء في العلاقات الإنسانية أو في التربية والتعليم، بل ويطبقه بنفسه ليكون قدوة حسنة لغيره. وقد كانت تعليماته هذه في مجال التربية والتعليم، وأوامره ونواهيه في هذا الصدد، بمثابة النموذج المثالي للآباء والمعلمين إلى قيام الساعة.
لا تحقرن أحدًا!
من المبادئ الأساسية التي التزم بها النبي -ﷺ- في مسألة التربية، هو الاقتراب من المخاطب بشعور التسامح، وليس الازدراء والاحتقار. فالمعيار الذي يتبعه -ﷺ-، ويوصي به في هذا الصدد هو: “بحسْبِ امرئٍ من الشَّرِّ أن يَحقِرَ أخاهُ المُسلِمَ“1. فالله تعالى خلق الإنسان، وكرَّمه، ونفخ فيه من روحه2، وميَّزه على سائر خلقه، ومن ثم يكون تحقيره وإهانته فعلًا شيطانيًّا. لأن الشيطان عندما خُلق الإنسان الأول، وهو سيدنا آدم عليه السلام، أبَى واستكبر واحتقر آدمَ وعصى أمر ربه بدعوى أن الإنسان مخلوق من تراب، فطُرد من الرحمة الإلهية، ولُعن إلى يوم القيامة3. وعليه فإن مصير الذين يستعلون ويستكبرون ويحتقرون الآخرين هو الضياع والخسران.
لهذا السبب، لا يمكن للوالدين أو المعلمين أو المرشدين أن يقوِّموا عيوب مخاطبيهم، من خلال التقليل من شأنهم أو توبيخهم أو حتى ازدرائهم. ولكن يمكن هذا من خلال الحوار معهم واحترامهم والاستماع إلى أفكارهم وآرائهم المختلفة، والتسامح مع أخطائهم الصغيرة والكبيرة، وإشعارهم بقيمتهم، وتزيين أرواحهم بإقناعهم بالصواب. لذا نجده -ﷺ- لم يمارس أي نوع من الضغط على من ينشغل بتربيتهم وتعليمهم، بل كان يبلغهم رسالته ومقصده بالقول اللين، فإن بدر منهم خطأ أو نقص تسامح معهم، وركز جُلَّ جهده على تعليمهم الصواب. وفي هذا الصدد يعبر سيدنا أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن التسامح والرحمة العظيمة لسيدنا محمد -ﷺ- الذي تربى على يديه وخدمه عشر سنوات، يقول أنس:
“خَدَمتُ رسولَ اللهِ ﷺ، عَشْرَ سِنينَ، لا واللهِ ما سبَّني سَبَّةً قَطُّ، ولا قال لي: أُفٍّ قَطُّ، ولا قال لشيءٍ فعَلْتُه: لِمَ فَعَلتَه، ولا لشيءٍ لم أفعَلْه: ألا فَعَلتَه..”4.
والحاصل، أن نقطة الانطلاق في التربية، ليست تحقير المخاطب أو ازدرائه بسبب أفكاره وسلوكياته ومعتقداته الخاطئة أو الناقصة أو المختلفة، بالعكس هي تقديره واحترامه. لأن الكِبر وما ينتج عنه من سلوك فظ وقول فحش وفعل مهين، ليس له أي قيمة تُذكر في التربية. بالعكس فإن هذا السلوك والفعل السلبي يؤثر تأثيرًا سلبيًّا على مشاعر المخاطب، كما أنه يدمر البيئة التعليمية السليمة. فلا يقتصر الأمر على التفرقة بين الناس، بل يؤدي أيضًا إلى إبعاد الإنسان عن الرسالة التي يقدمها المُربي، وعن المؤسسة التعليمية، وحتى عن العلم والأخلاق. ومن هذا المنطلق نجد الصحابة رضوان الله عليهم يصفون المنهج الذي يتبعه رسول الله -ﷺ- في هذا الأمر على النحو الآتي: “لم يَكُنْ رَسولُ اللهِ ﷺ فاحشًا ولا مُتفَحِّشًا، ولا صَخَّابًا فِي الأَسْوَاقِ، ولا يَجزي بالسيِّئةِ السيِّئةَ، ولكنْ يَعفو ويَصفَحُ“5.
التسامح وستر العيب
فضلًا عن التسامح مع أخطاء الآخرين، فإن من لوازم التسامح أيضًا هو ستر الأخطاء الشخصية والنقائص والعيوب. لأن الذين تُكشف أخطاؤهم أو تُفشى عيوبهم، يتم فقدهم في التربية والتعليم. فلا يرغب أحد في أن تُكشف أخطاؤه وعيوبه أمام أحد، أو أن يُصرَّح بها للآخرين، ولا يقبل بذلك، كما أنه يُكن الحقد والعداء لمن يفعل ذلك. فإن كان الفاعل هما الوالدان انفصل الأبناء عن والديهم، وابتعدوا عن منزلهم، وإن كان الفاعل هو المعلم، انفصل الطلاب عن معلمهم، وامتنعوا عن حضور دروسهم، وفرُّوا من المدرسة. فإن أُجبروا على حضور درسهم، صمُّوا آذانهم، فلا يستفيدون حتى ولو بدو منصتين، إذ يفصلون أنفسهم تمامًا عن الوسط من حولهم. فلن يركزوا في تعلُّم شيء ولا الاستفادة من شيء، بل إنهم سيكثفون تركيزهم على عدم التعلم. لهذا فإن المبدأ الرئيس في التربية، ليس التسامح فحسب مع أخطاء وقصور الأطفال أو الشباب، ولكن أيضًا بستر عيوبهم، ومنحهم الفرصة لتقويم أنفسهم، وتهيئة المناخ لهم، ومساعدتهم من خلال توجيههم وإرشادهم.
فإن المبدأ الرئيس الذي وضعه رسول الله -ﷺ- في هذا الأمر هو: “لَا يَسْتُرُ عَبْدٌ عَبْدًا فِي الدُّنْيَا، إِلَّا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ“6. ولذلك فإن الطفل أو الشاب الذي يرى أنه يتم التسامح مع عيبه أو خطئه، ويتم ستره أيضًا، يتأثر كثيرًا بهذا السلوك، ويشعر بالامتنان لعائلته أو لمعلميه. فتتشكل لديه قناعة بأن أبويه أو معلميه يحاولون مساعدته بصدق، فيحصل لديه نتيجة هذا التسامح والصفح شعور بالثقة في مربيه ومعلميه. وهكذا فإن الأخطاء التي يُقترب إليها بالتسامح والستر تكون وسيلة لتشكّل محيط الثقة الذي لا غنى عنه في التربية والتعليم. وفي الوقت نفسه، فإن تصرفا كهذا يغرس في المخاطب “خُلق التسامح وستر الأخطاء”. يقول -ﷺ-: “مَنْ سَتَرَ مُؤْمِنًا، كَانَ كَمَنْ أَحْيَا مَوْءُودَةً مِنْ قَبْرِهَا”7. ملفتًا النظر إلى قيمة هذا الخُلق العظيم في التربية.
وفيما يلي عرض لبعض الأمثلة في هذا الصدد:
الشاب الذي يسخر من الأذان: “أبو محذورة”
يدرك النبي -ﷺ- الطبيعة البشرية جيدًا، فيقترب من مخاطبيه بصبر ومسامحة وحكمة. ولنستمع إلى “أبي محذورة” الذي عايش هذا الأمر بنفسه، فيقول: “خرجت في نفر فكنا ببعض طريق حنين مقفل رسول الله -ﷺ- من حنين، فلقينا رسول الله -ﷺ- في بعض الطريق، فأذن مؤذن رسول الله -ﷺ- بالصلاة عند رسول الله -ﷺ- فسمعنا صوت المؤذن ونحن عنه مُتنكِّبون، فظللنا نحكيه ونهزأ به، فسمع رسول الله -ﷺ- الصوت فأرسل إلينا حتى وقفنا بين يديه، فقال رسول الله -ﷺ-: “أَيُّكُمُ الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ قَدِ ارْتَفَعَ؟” فأشار القوم إليّ وصَدَقوا، فأرسلهم كلهم وحبسني فقال: “قُمْ فَأَذِّنْ بِالصَّلَاةِ” فقمت فألقى علي رسول الله -ﷺ- التأذين هو بنفسه قال: “قُلِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ“، ثم قال: “ارْجِعْ فَامْدُدْ صَوْتَكَ“، ثم قال: “قُلْ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ“، ثم دعاني حين قضيت التأذين فأعطاني صرة فيها شيء من فضة، فقلت: “يا رسول الله مرني بالتأذين بمكة”، فقال: “أَمَرْتُكَ بِهِ“، فقدمت على عتاب بن أسيد عامل رسول الله -ﷺ- بمكة فأذنت معه بالصلاة عن أمر رسول الله -ﷺ-“8.
وكما رأينا في المثال، دعا رسول الله -ﷺ- أبا محذورة الذي كان يستهزئ ويسخر من الأذان وهو في ريعان شبابه، فلم يوبخه قائلًا “كيف تسخر من الأذان؟”، ولكنه اقترب من خطئه هذا بتسامح، وطلب منه أن يرفع الأذان بنفسه. فينصت إليه رسول الله-ﷺ- حتى يفرغ، ويثني على صوته، ثم يكافئه في النهاية. فبينما ينتظر أبو محذورة الزجر والعقاب، إذ به يلين أمام هذا التسامح والتقدير والثناء، ويذهب ما في صدره من غلٍّ حتى تلك اللحظة تجاه للنبي الله -ﷺ-، فآمن به وصدقه.
دعهنَّ يا عمر!
وفي موقف آخر، مات رجل من آل رسول الله -ﷺ- فاجتمع النساء يبكين عليه، فقام عمر -رضي الله عنه- يَنْهَاهُنَّ ويطردهن، فقال -ﷺ-: “دَعْهُنَّ يَا عُمَرُ فَإِنَّ الْعَيْنَ دَامِعَةٌ، وَالْقَلْبَ مُصَابٌ، وَالْعَهْدَ قَرِيبٌ“9. وفي جنازة سعد بن معاذ رضي الله عنه، أبصر سيدنا عمر رضي الله عنه أم سعد تبكي، فأخذ ينهاها، فقال له -ﷺ-: “دَعْها يا عُمَرُ، كلُّ نائحةٍ مُكذَّبةٌ إلّا أُمَّ سعدٍ، ما قالتْ مِن خيرٍ فلن تُكذَّبَ” 10. وكما لاحظنا في هذا الموقف أيضًا، لم نجده -ﷺ- يقول للنساء “لما تبكون، اصمتن ولا تصدرن صوتًا!”، بل إنه يُذكِّر سيدنا عمر الذي يحاول إنهاءهن عن البكاء بأن القلب مصاب والعهد قريب، كما يوصيه باللين والرفق بهن.
التسامح مع نصارى نجران!
بعث النبي -ﷺ- الرسائل والرسل إلى بعض البلدان والقبائل يدعوهم فيها إلى الإسلام. ومن بينهم نصارى نجران، فأرسل إليهم كتابًا يدعوهم فيه إلى الإسلام. فلما جاءهم كتاب رسول الله، بعثوا وفدًا من (60) رجلا من أشراف نجران. فقدموا المدينة المنورة، ودخلوا عليه -ﷺ- مسجده، وكان يتهيأ لصلاة العصر مع أصحابه، فاتجه الوفد يصلون ناحية المشرق وقد حانت صلاتهم. فهمّ بعض الصحابة أن يمنعوهم، فقال لهم -ﷺ-: “دَعُوهُمْ“، وأذِن لهم بأداء عبادتهم في مسجده الذي استضافهم فيه خمسة عشر يوما11.
وكما رأينا في هذا الموقف أيضًا، لم ينهر -ﷺ- نصارى نجران قائلًا “كيف تؤدون طقوسكم في مسجدي؟!” مع أن بعض الصحابة همُّوا على منعهم، لكنه تعامل معهم بشعور التسامح، وسمح لهم بأداء عبادتهم وفق معتقدهم. حتى إنه لم يكتف بهذا، بل واستضافهم في مسجده خمسة عشر يومًا. فكان تسامحه وتصرفه الحكيم هذا بابًا لدخول أهل نجران في الإسلام بعد مدَّة قصيرة.
النتيجة:
– التسامح، سلوك فاضل يحظى بتقدير ليس فقط في السنة النبوية بل وفي القرآن الكريم أيضًا، يقول تعالى: ﴿وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ﴾12، فتبين الآية الكريمة قيمة هذا الخلق العظيم عند الله تعالى، فالتسامح يشتمل على شيء من الصبر والعفو أيضًا.
– يُعلِّم الله تعالى رسوله -ﷺ- وكل من يهتم بالتربية والتعليم في شخصه الكريم، ضرورة التمسك بـ”الصفح الجميل” أي التسامح والعفو، مهما كان الموقف الذي يتعرض له المرء أمام الأفعال المنافية والسلوكيات الفظة التي يرتكبها المخاطب. يقول تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾13.
– وفي آية أخرى، يأمر الله تعالى نبيه -ﷺ- أن يتعامل بالعفو والصفح حتى مع غير المؤمنين: ﴿فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾14. وهذا يعني أن التسامح والصفح مفيد في إذابة جهلهم وحقدهم وتعصبهم بمرور الوقت، ووسيلة لتقريبهم من الحق والحقيقة.
– لقد اقترب رسول الله -ﷺ- من مخاطبيه الذين يرتكبون الأخطاء بمبدأ “إنهم لا يعلمون”، و”أنه لا عيب في عدم العلم، وأن الجاهل عذره مقبول”، وقد ارتقى -ﷺ- بهذا المجتمع خلال فترة قصيرة تقدر بثلاث وعشرين سنة إلى مستوى الجيل المثالي القدوة للبشرية جمعاء.
– كان رسول الله -ﷺ- يتعامل بلطف وتسامح كبير مع الأقوال والأفعال الخاطئة التي يراها ويسمعها. فأولى اهتماما كبيرًا للمحافظة على سلامة خيط المودة والحب والتقدير الذي بينه وبين مخاطبه. فلم يصرح لأحد بعيبه في وجهه، ولم يقلل من شأن أحد أمام الناس ويؤذ اعتباره أمام المجتمع.
– ينبغي على من ينتظرون التسامح من الناس أن يكون هم في الأساس متسامحين، من منطلق قوله -ﷺ-: “اسمحْ يُسمَحْ لكَ“15. وإلا فإن من يتبنون الازدراء والاحتقار خُلقا لهم، لن يجدوا التسامح إذا احتاجوا إليه.
– يركِّز الإنسان المتسامح دائمًا على الأفكار المشتركة والجوانب الجيدة لمخاطبه، ويبني علاقاته على القاسم المشترك بينهما. على العكس من ذلك، يركز الشخص غير المتسامح دائمًا على الأفكار والسلوكيات المختلفة لمخاطبه؛ فإنه يركِّز على كلمة أو وسلوك واحد سيئ، ويتجاهل عشرة أفعال حسنة وصحيحة أخرى. لهذا السبب، غالبًا ما يُضحون بتسع فضائل بريئة أمام خطأ واحد. فإن المعيار الذي يقدمه رسول الله للإنسانية في هذا الصدد هو: “لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ، أَوْ قَالَ غَيْرَهُ“16.
– التسامح هو قرين التواضع، والتحقير قرين الكبر والغرور. يقول -ﷺ-: “الكِبرُ بَطَرُ الحقِّ وغَمْطُ النّاسِ“17. والله تعالى يخسف بالمتكبر الأرض، بينما يرفع المتسامح والمتواضع أعلى الدرجات. فخلاصة القول، إنه ينبغي أن نكون مربين متسامحين وفق عبارة مولانا جلال الدين الرومي: “كن في التسامح مثل البحر”.
Footnotes
- صحيح مسلم، البر، 32؛ سنن أبي داود، الأدب، 35؛ سنن الترمذي، البر، 18.
- سورة الإسراء، 16/70؛ سورة الحجر، 15/29.
- سورة الحجر، 15/30-35.
- مصنف عبد الرزاق (9/ 443 ت الأعظمي): «17946».
- سنن الترمذي، البر، 69.
- صحيح مسلم، البر، 58، 72.
- مسند أحمد (28/ 566 ط الرسالة): رقم:«17331»، وسنن أبي داود، الأدب، 38. وفي المعجم الكبير للطبراني (7/ 312): «7231»، بلفظ: “مَن ستر على مؤمنٍ عورةً، فكأنّما أحيا ميتًا”.
- سنن النسائي، الأذان، 5، 6؛ سنن ابن ماجة، الأذان، 2.
- سنن النسائي، (1947)؛ وللاطلاع على موقف مشابه لهذا، انظر: سنن ابن ماجة، (1576 أو 1587).
- شرح مشكل الآثار (10/ 369): «4174».
- ابن هشام، السيرة، 2/224؛ ابن سعد، الطبقات، 1/357.
- سورة الشورى، 42/43.
- سورة الحجر، 15/85.
- سورة الزخرف، 43/89.
- مسند أحمد، 1/249 (2233)؛ الهيثمي، الزوائد، 10/196.
- صحيح مسلم، 1469.
- صحيح مسلم، الإيمان، 147؛ سنن أبي داود، اللباس، 26؛ سنن الترمذي، البر، 61.