زواج عبد الله بآمنة ثم وفاته
كان لعبد المطلب عشرة أبناء وست بنات.. وكان عبد الله أحب أبنائه إليه وكان لذلك لا يريد أن يفارقه قط، فقد كان مختلفا في أحواله وأطواره عن سائر إخوانه وأخواته.. وكان مثالا للعفة والنقاء، وغاية في الحسن والجمال.
وبعد أن انتهى عبد المطلب من أمر القرعة، وفدى ابنه عبد الله بمئة من الإبل، خرج به حتى أتى به وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر، وهو يومئذ سيد بني زهرة نسبا وشرفا، فزوجه ابنته آمنة بنت وهب، وهي يومئذ أفضل امرأة في قريش نسبا وموضعا.[1]
وهكذا تأسست الأسرة الشريفة التي سيكون ثمرتُها النبيَّ الخاتم الذي بشر به الأنبياء من لدن آدم عليه السلام، وانتظر قدومَه كل أبطال القلب المنفتح عيونهم على عالم المعنى.. وكان عبد الله يمارس التجارة، فلم يمض كثير من الوقت على زواجه حتى شارك في عير من عيرات قريش للتجارة إلى الشام، فلما فرغوا من تجارتهم انصرفوا فمروا بالمدينة ومرض عبد الله مرضا شديدا ألجأته إلى أن يتخلف عن الركب فلم يزل هناك عند أخواله بني النجار شهرا حتى وافته المنية وعمره ٢٥ عاما، وترك عبد الله أم أيمن وخمسة أجمال وقطعة غنم، فورث ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت أم أيمن تحضنه واسمها بركة. ولما بلغ خبر وفاته إلى مكة وجد عليه عبد المطلب وإخوته وأخواته وجدا شديدا. وقالت آمنة فيه شعرا ترثيه بها.[2] وكانت يومئذ حاملا برسول الله صلى الله عليه وسلم.
[1] السيرة، ابن هشام ١/ ١٤٤.
[2] أبو عبد الله محمد بن سعد بن منيع الهاشمي بالولاء، البصري، البغدادي المعروف بابن سعد (المتوفى: 230هـ)، الطبقات الكبرى، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية – بيروت الطبعة: الأولى، 1410 هـ – 1990، ٢/ ٨٠.