الأسس النبوية في التربية والتعليم (25): العقاب المعنوي!

بقلم الدكتور/ سليم عبد الله

جاء النبي صلى الله عليه وسلم معلمًا ومربيًا وهاديًا، فأنزل الله تعالى عليه الكتاب وأعطاه الحكمة ليعلم أمَّته ما لم يعلموا بأسلوب حكيم؛ أي بأحسن وأفضل طريقة. فإذا ما وقع المخاطب في خطإ ما، وأراد المصطفى صلى الله عليه وسلم أن ينقذه منه، حرص كل الحرص على ألا يكسر قلبه أو يجرح مشاعره أو ينفره، بل إنه يقربه إليه ويدنيه منه بقدر أكبر. فتنبيهاته السديدة صلى الله عليه وسلم وموعظته الحسنة بأسلوب لين حكيم تعزز من إيمان المخاطب وحبه وإخلاصه لله ورسوله أكثر مما كان، وترتقي به إلى مرتبة حياة القلب والروح. وقد لا تكون هناك حاجة أحيانًا إلى تنبيه المخاطب أو معاقبته ماديًّا أو معنويًّا نتيجة الوعي والوجدان الراجح الذي أكسبه إياه هذا المناخ النبوي المثالي، فنجد المخاطب في بعض الأحيان يعاقب نفسه بنفسه، ويتجرع مرارة العقاب بدموعه التي يذرفها حتى يتوب الله عليه، وينتظر بلهفة لحظة العفو والصفح عنه، ولا يمنعه خطؤه من الصدق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعدم الكذب عليه ولو في كلمة واحدة.

عقوبة اعتزال من تخلفوا عن الجهاد!

تخلف مرارة بن الربيع العمري، وهلال بن أمية الواقفي وكعب بن مالك عن غزوة تبوك دون عذر، فأمهلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يقضي الله فيهم أمره، وقد حظر النبي صلى الله عليه وسلم التعامل أو الكلام معهم طوال تلك المدة. يصف سيدنا كعب هذا الاختبار القاسي الذي عاشه قائلًا:

نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلف عنه، فاجتنبنا الناس، وتغيروا لنا حتى تنكرت في نفسي الأرض فما هي التي أعرف، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة، فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان، وأما أنا، فكنت أشب القوم وأجلدهم فكنت أخرج فأشهد الصلاة مع المسلمين، وأطوف في الأسواق ولا يكلمني أحد، وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة، فأقول في نفسي: هل حرك شفتيه برد السلام علي أم لا؟ ثم أصلي قريبًا منه، فأسارقه النظر، فإذا أقبلت على صلاتي أقبل إلي، وإذا التفت نحوه أعرض عني.

حتى إذا طال علي ذلك من جفوة الناس، مشيت حتى تسورت جدار حائط أبي قتادة، وهو ابن عمي وأحب الناس إلي، فسلمت عليه، فوالله ما رد علي السلام، فقلت: يا أبا قتادة، أنشدك بالله هل تعلمني أحب الله ورسوله؟ فسكت، فعدت له فنشدته فسكت، فعدت له فنشدته، فقال: الله ورسوله أعلم، ففاضت عيناي.

مضت أربعون ليلة على هذا الحال، وتزداد الأوضاع سوءًا كلما تأخر نزول الوحي فيهم. ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم أن يعتزلوا نساءهم، ففعلوا إلا امرأة هلال بن أمية جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فطلبت إليه أن تخدم زوجها هلال لكبر سنه فأذن لها رسول الله.

يقول كعب بن مالك: فلبثت بعد ذلك عشر ليال، حتى كملت لنا خمسون ليلة من حين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كلامنا، فلما صليت صلاة الفجر صبح خمسين ليلة، وأنا على ظهر بيت من بيوتنا، فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله، قد ضاقت علي نفسي، وضاقت علي الأرض بما رحبت، سمعت صوت صارخ، أوفى على جبل سلع بأعلى صوته: يا كعب بن مالك أبشر، قال: فخررت ساجدًا، وعرفت أن قد جاء فرج، وآذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوبة الله علينا حين صلى صلاة الفجر، فذهب الناس يبشروننا، وذهب قبل صاحبي مبشرون، وركض إلي رجل فرسا.

وسعى ساع من أسلم، فأوفى على الجبل، وكان الصوت أسرع من الفرس، فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني، نزعت له ثوبي، فكسوته إياهما، ببشراه والله ما أملك غيرهما يومئذ، واستعرت ثوبين فلبستهما، وانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيتلقاني الناس فوجا فوجا، يهنوني بالتوبة، يقولون: لتهنك توبة الله عليك، قال كعب: حتى دخلت المسجد، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس حوله الناس، فقام إلي طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهناني، والله ما قام إلي رجل من المهاجرين غيره، ولا أنساها لطلحة.

يقول كعب: فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يبرق وجهه من السرور: “أَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ“، قال: قلت: أمن عندك يا رسول الله، أم من عند الله؟ قال: “لاَ، بَلْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ“. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سر استنار وجهه، حتى كأنه قطعة قمر، وكنا نعرف ذلك منه، فلما جلست بين يديه قلت: يا رسول الله، إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ“. قلت: فإني أمسك سهمي الذي بخيبر، فقلت: يا رسول الله، إن الله إنما نجاني بالصدق، وإن من توبتي أن لا أحدث إلا صدقا، ما بقيت1.

وكما يتضح من المثال فإن النبي صلى الله عليه وسلم يحوِّل الخطأ الناتج عن إهمال كبير إلى خير كثير في النهاية بتحذيراته وتنبيهاته الحكيمة. فليس هناك في منهجه التربوي أي مجال للعقاب البدني، ولكن هناك تجريد من الاهتمام وعدم لقاء الناس والحديث معهم. لقد كان هذا بطبيعة الحال قاسيًا بالنسبة للصحابة رضوان الله عليهم، ولكنه بمثابة درس خاص لخمسين يومًا، لينجح في النهاية الصحابة الذين خضعوا لهذا الاختبار. وكان هذا في الوقت نفسه درسًا لجميع المسلمين حتى قيام الساعة، ليستفيدوا من هذه الواقعة الحياتية حتى لا يقعوا في مثل هذا الموقف.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعاقب من أجل العقاب نفسه، على العكس من ذلك، فإنه يخضعهم بهذا الأسلوب إلى اختبار الصدق والإخلاص؛ ليؤكد على عُرى الإيمان وعلى التسليم والإذعان، وينبه جميع من حولهم بمغبة الوقوع في مثل هذا الإثم. لذلك استفاد كعب بن مالك من هذا الدرس القاسي، ليعرب بنفسه عن التغير والتحول الذي حدث بالفعل في حياته الشخصية، فيقول: “والله ما علمت أن أحدا من المسلمين أبلاه الله في صدق الحديث، منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا، أحسن مما أبلاني الله به، والله ما تعمدت كذبة منذ قلت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى يومي هذا، وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقي”.

ويعبر أيضًا سيدنا كعب عن شعوره تجاه هذه العقوبة الحكيمة التي لا يراها عقابًا ولكنه يراها نعمة كبيرة، فيقول رضي الله عنه: والله ما أنعم الله علي من نعمة قط، بعد إذ هداني الله للإسلام، أعظم في نفسي، من صدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن لا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوا، إن الله قال للذين كذبوا، حين أنزل الوحي، شر ما قال لأحد. فقال تعالى: ﴿سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللهَ لاَ يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾ (سورة التَّوْبِةِ: 9/96)

الصحابي الذي عاقب نفسه!

من النقاط المهمة التي ينبغي الوقوف عليها في أسلوب العقاب في التربية والتعليم، هو شعور المخاطب بالذنب، وأن يعاقب نفسه عندما يرتكب خطأ أو يقصر في أداء مهامه. فإن أسلوب رسول الله صلى الله عليه وسلم في التعامل مع الأخطاء كما ذكرنا في المثال السابق يساعد المخاطب على التكامل والاندماج مع السلوك الصحيح، كما يكسبه وعيًا وحساسية كبيرة تجاه السلوك الخاطئ. ونتيجة لتنبيهاته صلى الله عليه وسلم لأصحابه رضوان الله عليهم تجاه الأخطاء والتصرفات غير المرغوبة، فإنهم ينتبهون من فورهم إلى خطئهم، ويسعون مباشرة إلى تصحيحه، حتى إنهم في بعض الأحيان يعاقبون أنفسهم على هذا الخطأ. ومن أبرز الأمثلة على ذلك الصحابي الجليل أبي لبابة رضي الله عنه:

لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق ووضع السلاح واغتسل أتاه جبريل عليه السلام وقال: قد وضعت السلاح، والله ما وضعناه، فاخرج إليهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “فَأَيْنَ؟” قال: ها هنا، وأشار إلى بني قريظة، فقال صلى الله عليه وسلم: “إن في أصحابي جهدًا فلو نظرتهم أيامًا“، فقال جبريل عليه السلام: إن الله يأمرك يا محمد بالمسير إلى بني قريظة، فإني عامد إليهم بمن معي من الملائكة، فمزلزل بهم الحصون.

وبعد هذا اللقاء مع أمين الوحي، يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بلالًا يؤذن في الناس: “من كان سامعا مطيعا فلا يصلين العصر إلا ببني قريظة”. وفي وقت قصير تأهب جيش الإسلام للخروج، فخرجوا وحاصروا حصون العدو، وبعد حصار دام خمسة وعشرين يومًا اشتد الأمر على الأعداء، فطلبوا الصلح، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرض عليهم خيارًا آخر، وأمرهم أن يختاروا حَكمًا يرضون حكمه. فاختاروا سعدًا بن معاذ، وكانوا حلفاءه، ثم طلبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث إليهم أبا لبابة ليستشيروه في أمرهم، فأذن له رسول الله، فجاءهم أبو لبابة، فلما رأوه قام إليه الرجال، وجهش إليه النساء والصبيان يبكون في وجهه من شدة المحاصرة وتشتيت مالهم، فرّق لهم وقالوا: “يا أبا بشير قد عرفت ما بيننا. وقد اشتد علينا الحصار وهلكنا، ومحمد لا يفارق حصننا حتى ننزل على حكمه، فلو زال عنه لحقنا بأرض الشام أو خيبر…” فقالوا له: “ما ترى أننزل على حكم سعد بن معاذ؟!” فأومأ أبو لبابة بيده إلى حلقه أنه الذبح فلا تفعلوا. يقول أبو لبابة رضي الله عنه: “فو الله ما زالت قدماي من مكانهما حتى عرفت أني خُنت الله ورسوله”، أي لأن في ذلك تنفيرًا لهم عن الانقياد له صلى الله عليه وسلم.

فلما أدرك أبو لبابة خطأه قال: “والله لا أنظر في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحدث لله توبة نصوحًا، يعلمها الله من نفسي”، فرجع إلى المدينة فربط يديه بسارية في المسجد فتاب واسترجع2.

وكما يتضح من المثال فإن أبا لبابة قد تصرف بطريقة خاطئة في مسألة لا يحق له التصرف فيها. ولكنه سرعان ما أدرك خطأه، وندم على فعلته. ثم فكر مباشرة في كيفية تلافي هذا الخطأ، فذهب من فوره إلى المسجد النبوي دون أن يرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وربط نفسه في سارية في المسجد قائلًا: “لا أبرح مكاني حتى يتوب الله علي ما صنعت”، فكان يستغفر الله طوال هذه الفترة، فلما رآه نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم على هذه الحالة قال: “وأما إذ فعل ما فعل، فما أنا بالذي أطلقه حتى يتوب الله عليه“. فكان يفك وثاقه إذا حانت الصلاة، ثم يوثق مرة أخرى إذا انقضت الصلاة. فظل سبعة أيام مربوطًا لا يذق طعامًا حتى نزلت فيه آيات كريمات تخبره بتوبة الله عليه3. فلما علم القوم بذلك، ثار الناس إليه يبشرونه، وأرادوا أن يحلوه من رباطه فقال: “والله لا يحلني إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم”. فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صلاة الفجر حله صلى الله عليه وسلم من رباطه.

لقد عاقب أبو لبابة نفسه بدافع من التربية التي تلقاها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما كان لهذا الفضل في نزول الوحي وانفتاح أبواب العفو عنه.

وكما نلاحظ من هذه الحادثة فإن الذي سلك منهج العقاب ليس رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن المخاطب نفسه. كما نلاحظ أيضًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعترض على ذلك. لأن قلب ومشاعر وروح المخاطب ستهدأ وتطمئن بهذا الجزاء، وسيعزز صلته بدرجة أكبر بالحق والحقيقة والصواب. فالمهم في التربية والتعليم هو إيصال المخاطب إلى هذا الوعي. فهذا الوعي هو أكثر فعالية من أي طريقة عقاب يمكن تخيلها، فضلًا عن أنه لن يكون هناك حاجة للعقاب في أغلب الأحيان.

إن منكم منفِّرين!

إن الإسلام دين سهل في فهمه، يسير في تطبيقه ومعايشته. ويؤكد النبي صلى الله عليه وسلم هذه الحقيقة فيقول: “إِنَّ هَذَا الدِّينَ يُسْرٌ“. ثم يردف صلى الله عليه وسلم قائلًا: “وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَأَبْشِرُوا، وَيَسِّرُوا…4. وبهذه التصريحات النبوية ينبه رسول الله صلى الله عليه وسلم من يحاولون التشديد في الحياة الدينية، ليحميهم من الوقوع في مغبة الإفراط والتفريط، ويرشدهم إلى مبدأ ضرورة تحقيق التوازن في الحياة الدينية، وضرورة معايشة ذلك وتطبيقه على أرض الواقع.

جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله إني لأتأخر عن الصلاة في الفجر مما يطيل بنا فلان فيها، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبًا شديدًا، وقال: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَمَنْ أَمَّ النَّاسَ فَلْيَتَجَوَّزْ، فَإِنَّ خَلْفَهُ الضَّعِيفَ وَالكَبِيرَ وَذَا الحَاجَةِ5. وفي موقف مشابه لهذا حيث بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن معاذ بن جبل رضي الله عنه كان يطيل في صلاته، فقال له صلى الله عليه وسلم: “أَفَتّانٌ أنت يا مُعاذُ؟“، منبهًا إياه على أنه يفتن الناس بفعله هذا، فينفرهم من صلاة الجماعة موصيًا إياه بقراءة سور قصيرة أثناء إمامة الجماعة.

وهكذا فإنه صلى الله عليه وسلم ينصت للشكاوى التي تأتيه بشأن من يعيِّنه على الناس من أصحابه، ويضع الحل المناسب والدائم لذلك. ويفعل صلى الله عليه وسلم ذلك بتنبيه بسيط يتمثل في عبارة وجيزة تترسخ في ذهن المخاطب وتُحدث أثرًا كبيرًا في نفسه وروحه. فكانت مثل هذه العبارة كافية لانتباه المخاطب إلى خطئه، وتصحيح أفكاره، وتلافي خطأه. حتى إن تأثير هذا الموقف يتجاوز زمانه، ويظل ساريًا في نفوس المؤمنين حتى قيام الساعة.

خلاصة القول:

مع أن أسلوب العقاب يُستخدم أحيانًا في التربية والتعليم بمعايير معينة –الحد والقصاص لا يتعلق بموضوعنا هذا- إلا أن أفضل أسلوب يمكن اتباعه هنا هو إستخدام العقاب المعنوي، أو بمعنى آخر: أن يحذر وينبه ويرشد بالحكمة والموعظة الحسنة. فالحكمة هي أرجح وسيلة آمنة للوصول إلى النتيجة المرجوة. لهذا ينبغي عدم اللجوء إلى الغضب تجاه الأخطاء والمساوئ كبيرة كانت أو صغيرة، بل يتم معاجلة المسألة بالعقل والمنطق والحكمة واللين بدلًا من الغضب والعنف. لأن العقاب لا يرتقي بالمخاطب طفلًا كان أو شابًّا أو يافعًا إلى مرتبة حياة القلب والروح، بل يتحقق ذلك بالتنبيه والنصيحة بالحكمة والموعظة الحسنة وبالقول الطيب والسلوك الحميد.

Footnotes

  1. انظر: صحيح البخاري، المغازي، 79 (4418)؛ صحيح مسلم، التوبة، 9/53 (2769).
  2. ابن الأثير، أسد الغابة، ص 1388 (6208).
  3. انظر: سورة الأَنْفَالِ: 8/27
  4. صحيح البخاري، الإيمان، 29 (39)؛ سنن النسائي، الإيمان، 28 (5034).
  5. صحيح البخاري، الأذان، 63 (704)؛ صحيح مسلم، الصلاة، 37/182 (466).
قد يعجبك ايضا